هل فكرت يوماً لِمَ تبدو خطوط الأطباء رديئة وغير مفهومة؟ أو لماذا عندما تمسك بالقلم ترسم مثلثات مثلاً؟!.
هذه الأسئلة حتماً ليست عبثية.. والدليل بأن الإجابات موجودة وعلمية جداً.. يقول الدكتور «فؤاد عطية» الخبير والاستشاري في الهندسة البشرية: «أصحاب الخطوط الرديئة هم أناس يفكرون بسرعة ويكرهون الروتين ويتميزون بالمرونة وسهولة التعلم، والمثلث يدل على شخص لديه طاقة وحيوية وأحياناً عصبية وهو شخص اجتماعي ولديه قدر من القلق ويميل إلى التغيير».
عندما يحدق فيك الآخرون هم يحاولون أن يستشفوا شخصيتك من خلال ما ترتديه.. وعندما تتحدث يبدأون في قراءة لغة الجسد.. لكن كل الأحكام الصادرة هنا قد لا تكون حقيقية.. خط يدك هو أكثر وسيلة يمكن الوثوق بها..
يقول الدكتور Barry L. Beyerstein : «في هذا الوقت من الصعب على من «يفكر» أن يتخيل كيف تكون نجمة أو كوكباً ما لها أثر على السلوك الإنساني؛ لكن على الأقل من الممكن القبول بأن تكون الكتابة شكلاً معبّراً للسلوك.. وربما كشفت لنا شيئاً ما حول أنفسنا!».
تحليل الخط اليدوي (Handwriting Analysis) هو المصطلح التكنيكي لعلم الجرافولوجي – (Graphology) ويهدف إلى تقييم وتحديد شخصية وهوية الإنسان من خلال خبطات وضربات القلم، والتصميم الشكلي، والأسلوب النمطي للكتابة، بالإضافة إلى انه يظهر ويفسر أدق وأصغر النبضات الكهربائية للألياف العصبية (electrical impulses) المتدفقة من الدماغ إلى أصابع اليد كالأفكار، الحركات والمشاعر، كما عدة بعض خبراء الخطوط بأنه «بصمة العقل» لأنه كالأشعة الحمراء يظهر كيف نفكر، كيف نشعر، وكيف نتصرف.. والخط مثل بصمة الأصابع لا يمكن أن يتطابق لدى الأشخاص المختلفين لذا فإنه يعبّر عن الشخصية الفردية والمختلفة بيئياً ووراثياً والتي تختلف من شخص إلى آخر.
ويعتبر خبراء الجرافولوجي أن الكتابة التي يقوم بها الكاتب هي عبارة عن قراءة لما يدور بمخ الكاتب وما يسلكه جهازه العصبي، ليس هذا فحسب بل يعتبر خبراء الجرافولوجي أن الكتابة أيضا تطبع هيئة الجسم وقدرات أجهزته المختلفة؛ إذن نستطيع أن نقول إن خط الكاتب يعبر عن مكونات جسمه ونفسه، أي هي مقياس دقيق – بل شديد الدقة – لشخصية الإنسان التي تعتبر – أي الشخصية – ناتج تفاعل الجسم مع النفس.
والممارس لهذا العلم يسمى جرافولوجيست Graphologist، ويسمى أحيانا خبير خطوط، أو خبير تحليل الخطوط، وفي أغلب دول العالم تستعين به جهات البحث الأمني والجنائي، كذلك شهادته أمام القضاء من الأمور المعتد بها دوليا.
ولأننا ننتظر الحكايا في كل شيء.. بدأت المحاولات الاولى في تحليل الخط عن طريق الشاعر الامريكي ادجار ألان عندما قام بتحليل بعض الخطوط ونشرها واطلق على هذا العلم اسم الاوتوجرافي Autography، غير أن أب علم تحليل الخط هو البروفيسور الايطالي كاميلو بالدو عندما نشر كتاباً في تحليل الخط عام 1662م وضع فيه الأسس لهذا العلم، بعد ذلك جاء قسيسان فرنسيان هما أبي فلاندرن وأبي جين وقاما بوضع القواعد لتحليل الشخصيات من خلال الخط اليدوي ونشرا كتابين عام 1871م و1878م وتمت صياغة مصطلح الجرافولوجي لاول مرة.
ثم انتشر العلم في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا ووجد قبولاً في أمريكا عام 1915م على يد العالم بيكر الذي أسس الجمعية الامريكية لتحليل الخط، واصبح علماً معترفاً به في كثير من الدول المتقدمة، ويدرس في المعاهد العلمية وأعرق الجامعات والكليات المتقدمة ضمن اقسام علم النفس، وعلم الجريمة، بدءاً من جامعة السوربون في فرنسا، إلى معهد علم النفس التطبيقي في زيورخ في سويسرا، ويمارس هذا العلم في اسرائيل ودول اوروبا كبريطانيا وفرنسا، ايطاليا، اسبانيا وألمانيا بدرجة عالية من التطور والتقدم، بالإضافة إلى أمريكا الشمالية والدول السوفياتية حيث تستفيد منه الهيئات والمؤسسة التي تهتم بهذه العلوم في العلوم السياسية والمباحثات في وزارة الخارجية والعلاقات الدولية، وتعتبر اسرائيل من الدول الاولى الرائدة في هذا المجال حيث تقدم بعض الجامعات الاسرائيلية تدريباً أساسياً عملياً له، وتعطي في بعض الحالات الاستثنائية درجة الدكتوراه في تحليل الخط اليدوي، بالاضافة إلى انها تستخدمه كتقنيات علمية أمنية للمحافظة على أمنها الداخلي ضد أي معتدين، وفي هذه الدول المتقدمة من العالم تجد انه من الصعوبة بمكان الحصول على أي وظيفة ذات مسؤولية مهمة significant responibility دون تحليل خط شخصية المتقدم في البداية، اما في الدول العربية فقد ظلت إلى وقت قريب تفتقر إلى هذا العلم حتى تمكن الدكتور فؤاد عطية وبعد سنوات طويلة من البحث والدراسة من نقله إلى اللغة العربية، ويعتبر البحريني (عبدالجليل الأنصاري) وهو محلل ومدرب خط معتمد من جمعية محللي الخط العالمية من أشهر من يقدمون دورات متخصصة في علم الجرافولوجي.
رسم المربعات أو كتابة الهمزة ملتصقة بعمود الألف (مثلاً) أمر لا يمكن الاستخفاف به.. فالمعرفة والأحلام يمكن تشكيلها متى ما عرفنا مفاتيح الصناديق.. وعلم الجرافولوجي مفتاح ذهبي لابواب كثيرة منها فهم الذات والآخرين، التعرف على أنماط تفكير التلاميذ وحل مشكلاتهم النفسية والانفعالية، الكشف عن الموهبة والنبوغ والعبقرية، تحديد الوظيفة المناسبة، الاستشارات النفسية، قطاع التجارة والإدارة والأعمال وطبعاً في القانون وعلوم الجريمة.
علم الجرافولوجي «علم مهم جداً.. ويتعدى الاكتفاء بتحليل الشخصية لمجرد المعرفة.. ولكن للتغيير.. فتغيير خطك يؤدي إلى تغيير سلوكك.. ويفتح لك آفاقاً أرحب.. وهو وسيلة مهمة جداً في تنمية مواهب الأطفال».. إذاً فتحليل الخط ليس ترفيهاً في اجتماعات الأصدقاء.. فمعرفتك لنفسك ستحرضك على (الوقوف).. ثم (المشي) في غير الاتجاهات الأربعة.. ستجعلك تستبدل خارطتك المحدودة.. بمدى متسع.. وأفكار خلاقه.. ستوقظ فيك أدوات مهملة.. وتفاصيل جديد.. ومن الغباء.. أن تركن كل (هذا) على الرف!