قيس وليلى…….. عنتر وعبلة….. روميو وجوليت لطالما كان يضرب المثل بهم
كمثال على الحب الابدي … ولاشك أن الكثير من جيل اليوم وجيل الأمس وربما حتى الجيل القادم لازال متأثرا بتلك الاسماء …… ربما قرات كغيري تلك القصص الرائعة عن الحب لكن ماعايشته ورأيته بأم عيني من قصة حب بين زوجين تفوق برأيي كثيرا عما قرأته وسمعته عن قيس وليلى وعنتر وعبلة وروميو وجولييت….. تلك القصة التي شهدتُ منها مايقارب العشرون عاما تُعتبر من قصص الزمن الجميل حيث بساطة العيش بعيداً هذا الزخم الكبير في وسائل تكنولوجية باتت مصدرا للازعاج بدلا من وسائل لجلب الراحة…. تزوجها _ حسب الوصف السائد في وقتنا الحالي _ زواجا تقليديا…. وكانت تكبره حينها بما يقارب السبع سنوات… وكان في سن لايتجاوز العشرين…..عاشا في منزل الاسرة المكونة من عدة اجيال واكتفيا في بداية حياتهما بغرفة مستقلة من ضمن المنزل….. ومع مرور السنين أنجبا بنينا وبنات الى أن أصبحت لديه القدرة على بناء منزل صغير يتكون من ثلاثة غرف تستخدم لجميع احتياجات الاسرة بما فيها مطبخا لاعداد الطعام….. وبالطبع وبسبب ظروفهما المادية الصعبة تم الانتهاء من بناء ذلك المنزل العديد من السنوات.. كبر الابناء والبنات … تزوج منهم من تزوج وهاجر منهم من هاجر…..وكان الزوجان يكافحان من أجل تأمين لقمة العيش للابناء ولعدد من الأحفاد …… رأيتهما يدا بيد يتجهان الى ذلك الحقل الصغير …يقضون معظم وقتهم في العمل في أرضهم ثم يعودان الى منزلهما … يتقاسمان مارزقهما الله هم وابنائهم….. كان يحبها كثيرا وكانت هي ايضا تحبه وكان حبهما حبا صادقا… كان يراها ليست مجرد زوجة.. كانت له أما وأختا وزوجةً……. كان يستشيرها في كل مايقوم به وكان يثق بها ثقةً مطلقة ….. مرت السنين حتى بدت علامات الكبر على الزوجة التي أفنت عمرها وهي تكد وتعمل جنبا الى جنب مع زوجها …. أنهكها المرض ……جعلها تقضي معظم وقتها طريحة الفراش …… ورغم ظروفه المادية الصعبة كان يستقرض الاموال لكي يأخذها الى طبيبٍ علّه يساعدها على الوقوف من جديد فهو لم يعتد على رؤيتها ضعيفةً …. على فراش المرض قضت مايقارب خمس سنوات……وكانت بالكاد تستطيع التحرك اصبح لها ابا حنوناً يقترب منها ..يحدثها .. يلاطفها….. أصبح لها أما…. فبات يقدم لها الدواء الذي اصبح جزءا من حياتها … ووالله والله حتى طعامها كان يعدّه لها بنفسه….. أصبح يجهز لها فراشها بشكل يومي……ولم يتركها يوما …..كان قريبا منها بشكلٍ دائم يحدثها بلطف وهدوء … بطيبةٍ اعتادت عليها لأكثر 45 سنة لكنها تجسدت كثيرا في السنوات الاخيرة عندما أصابها المرض …….. أما الابناء فقد اشغلتهم الحياة ……وذهب كل منهم في اتجاه ما … حتى هؤلاء الذين كانوا لايزالون يعيشون معهم في نفس المنزل لم يقدموا لها ولو جزءا بسيطا مما قدمه هو لها…… بعد صراع طويل مع المرض توفيت تلك السيدة رحمها الله …… رايته حينها منكسرا…. ورغم القوة التي كنتُ أراه فيها طوال السنين بت أراه انسانا ضعيفا مهزوزا…… لم يعد ذلك الانسان الذي كنتُ أراه مثلي الأعلى في القوة والقدرة على المواجهة … رأيته انسانا آخر … انسانا لم يعد يرى لوجوده معنى….فقد فقد من كانت تقف الى جانبه طوال تلك السنين…. فقد أما .. أختا… زوجةً…. فقد روحا وجسدا كانت منه قريبة ….. ولا أبالغ ان قلت أنه فقد الحياة في فقدانها……… |
.
.
.
.. كبريائي هو عنواني ..
.
.
.