حب التملّك… يجتاح مجال الآخر ويقتل الحب
التملّك صفة شائعة، لا سيما بين النساء اللواتي ينظرن إلى الحب نظرة خيالية تسودها فكرة الاندماج الكلي بالشريك. الواقع أن التملّك يتمثّل في اجتياح مجال الآخر الحيوي، لكن هل هذا كلّه بدافع الحب؟ قد نشك أحياناً في ذلك. ما هو التملّك؟ يُصنّف هذا السلوك غالباً ضمن فئة الغيرة، والتي تعني في الحب الشكّ في إخلاص الحبيب. يتّصف المتملّك بمشاعر تعبّر عن الاستحواذ والسلطة المطلقة تجاه الآخر. قد يكون المرء بالتالي متملّكاً من دون أن يكون غيوراً والعكس صحيح. فالغيرة تشكّل جزءاً من الحب حين لا تكون مَرَضيّة، أما التملّك فيُعتبر مظهراً سلبياً. يعرّف بعض خبراء النفس التملّك بأنه وسيلة دفاع أولية عند الإحساس بخيانة ضمن العلاقة. تُستخدم هذه الوسيلة بالتالي حين يتلقى المرء إشارات بوجود خلل محتمل: عطر غير اعتيادي، تغيّر مفاجئ في السلوك تجاه الشريك، غياب مثير للشكوك. لكن المتملّك نفسه لا يترقّب الإشارات التي تدل على حدوث خيانة ليستحوذ على شريكه. لسوء الحظ، تكون دوافع المتملكين العميقة غالباً أكثر صعوبةً في الإفصاح عنها من قوة المشاعر. قلّة ثقة بحسب علماء النفس، التملّك ليس إفراطاً في الحب، وإنما نقصاً في الاحترام، وهو إشارة إلى نقص في الحب. لكن من أين يأتي رد الفعل المندفع والجامح هذا الذي يولّد لدى البعض رغبةً في تملّك شركائه في الحياة الزوجية؟ بالنسبة إلى كثيرين، الزواج ملاذ، والشريك جزيرة، منارة أو مرفأ. هؤلاء بحاجة إلى الحماية للاستمرار في العيش. يصبح الزواج في هذه الحالة أحد أشكال التطفّل، لا سيما أنك بانتظار كل شيء من الآخر، وتلقي على عاتقه عبئاً ثقيلاً. وإذا كان التملّك أنانياً بعض الشيء، فهذا ليس خطأه، لأن التملّك ينبع من عدم الشعور بالأمان ولا يقتصر على العلاقات الزوجية بل يشمل الصداقات والروابط مع الوالدين والأطفال. لا ترغب المتملّكة في السيطرة على حب زوجها فحسب وإنما على حياته أيضاً. لا تستطيع تحملّ أو تقبلّ فكرة أن يعيش ويتمتع بلحظاته من دونها ومن دون أن تكون جزءاً مما يحدث. هي بحاجة إلى الاهتمام الحصري التام لأنها في الصميم تشعر بالخوف، أي الخوف من عدم الاكتراث لها وعدم إعطائها أهميةً قصوى. خوف من الهجران الخوف من الهجران دليل واضح على التبعية العاطفية التي تتولّد غالباً من طبيعة مرحلة الطفولة والعلاقات مع الوالدين. يشعر متملّكون كثر، حسودون أكثر منهم غيورون، بأنهم لم يحصلوا على ما يكفي من العاطفة خلال طفولتهم. هذا ما يدفع بهم إلى إيجاد وسيلة يحاربون بواسطتها هواجسهم لدى الآخر. قد يشكّل الجرح العميق الناجم عن نقص العاطفة الأبوية أحد الأسباب وراء السلوك التملّكي خلال سن البلوغ. ينطبق الأمر أيضاً على العلاقة العميقة التي تجمع الولد بأحد والديه، والتي تؤدي الى تعلّق يقوم على الاستحواذ والتملّك. نقيصة خطيرة تبدو النساء أكثر ميلاً إلى اعتماد السلوك التملّكي مقارنة بالرجال. بحسب الاختصاصيين النفسيين، تعوّل النساء على العلاقة الزوجية والأسرية، فيما لا يركّز الرجال كثيراً على الأمر. فبالنسبة إليهم، الحياة الزوجية بمثابة «استراحة المحارب». وغالباً يكون الاختلاف في النظرة إلى ما تمثله العلاقة الحميمة سبب المشاكل بين الزوجين الذي يكون أحدهما متملّكاً. غالبية النساء لا يتحمّلن فكرة خروج أزواجهن برفقة أصدقائهم إلى المقهى. فيما تشكّل هذه اللحظة بالنسبة إلى الزوج وسيلة للاسترخاء. والنتيجة أن هذه الخلافات المحتملة قد تؤدي إلى فسخ العلاقة الزوجية إن لم يغيّر المتملّك سلوكه. بالإضافة إلى تسميمه حياة شريكه برمتها شيئاً فشيئاً، ينتقد المتملّك الماضي أيضاً أي علاقات الحب القديمة، وهذا ما يُدعى بالغيرة الرجعية. حين يبلغ التملّك بالشخص هذا الحد، يجب أن يتساءل حول معنى علاقته بالنسبة إلى الآخر، لأن الثقة أساس العلاقات المنسجمة. جشع التملّك في الحب هو الرغبة في امتلاك الآخر والسيطرة عليه. فالذين يحبون التملّك يتصرفون كالأطفال الذين يتوّهمون بأنهم يملكون أمّهاتهم حين يرضعون من ثديهنّ. والبعض لا يعرف النضوج ويحافظ على شعور أن حاله لن تتحسن إلا إذا كان الشريك في متناوله. وتنبع الصعوبة في تقبّل الوحدة غالباً من النقص العاطفي والمرور بتجارب الهجران، ومن الجشع أيضاً. مثلاً، الانفصال عن الأم في مراحل مختلفة من حياة الطفل كالذهاب إلى المدرسة يسمح له بالتمتع بحس الاستقلالية تدريجاً، لكن التجارب المَرَضيّة قد تجعل البعض بحاجة دائمة إلى وجود الآخر للشعور بالطمأنينة. وكما الغيرة والشره، ينبع التملّك من الجشع، أي الرغبة في امتلاك كل شيء وحالاً. لكن هذا الشعور مؤلم بالنسبة إلى المتملّكين أنفسهم الذين يعانون أشد معاناة. لذلك يُنصح بألا يقسو المتملكون على أنفسهم وأن يتحلّوا بالصبر، ويتمتعوا بحس الفكاهة. |
الله يبيحه مآ . أبي منه / تبريـر
واللي معه قصّرت . و إلا جرحته ؟
أبيه يسامحني . على كلّ . تقصير