يكتبها: د.طارق البكري
رياض مشغول جداً في الدراسة، ويقضي وقته في غرفته والكتب من حوله.. ويبدو منهمكاً استعداداً للامتحانات النهائية.. تدخل أمه ومعها إناء عصير: يا حبيبي.. أنت تتعب كثيراً.. الله يشرح لك صدرك.
رياض: ما أحلى هذا الدعاء يا أمي!
محبوب: ما هي نصائحك استعدادا للامتحان؟
الأم: النصائح كثيرة..
رياض: أعطني الآن أهمها لضيق الوقت.
الأم: أولاً يجب أن تكون هادئاً في كل حال.. وعليك كتابة قائمة للمذاكرة تساعدك على تحديد النقاط المهمة، وسجل الملاحظات والمعادلات والمصطلحات والأفكار الرئيسية وأهم الواجبات لمراجعتها بشكل مستمر..
رياض: كل هذا.. كثير.. لكن ماذا سيفيدني ذلك؟
الأم: ستساعدك القائمة على تجزئة المذاكرة إلى أقسام منظمة لمراجعة شاملة خالية من القلق.
– نعم يا أمي، وهل لديك نصائح أخرى مفيدة؟
– اعمل بطاقات فهرسة للمصطلحات والمعادلات والقوائم التي تحتاج لحفظها.. اكتب اسم الموضوع على جهة واحدة من البطاقة والأسئلة على الجهة الأخرى.
رياض يسأل أمه وهي تبتسم: وبماذا يفيدني ذلك؟
تجيبه الأم بابتسامة كبيرة: بطاقات الفهرسة ستساعدك ليس فقط على اختبار قدرتك على تحديد المعلومات المهمة وإنما أيضاً على قدرتك على استرجاع المعلومات..
– جميل جداً.. وماذا أفعل في اليوم الأخير قبل الامتحان؟
– عليك التوقف عن إرهاق نفسك قبل الامتحان بيوم واحد.. واعط نفسك وقتاً كافياً لتصل مبكراً ولا تحاول أن تُراجع كُل شىء في اللحظات الأخيرة.
– وماذا بعد دخولي قاعة الامتحان؟
الأم: اختر مكاناً جيداً للجلوس وحافظ على استقامة ظهرك واجلس على الكرسي جلسة صحية. وكن هادئاً كما قلت سابقاً، وبعد أن تجلس وتستقر في مقعدك، تصفح الامتحان كله بشكل سريع، ثم خطط لحل الأسئلة السهلة أولاً والصعبة لاحقاً، وتأن في الإجابة، وخصص بعض الوقت لمراجعة إجاباتك.
والآن هيا إلى الدرس..
يقول رياض والأم تخرج من الباب: شكراً لك يا أمي فقد استفدت كثيراً من كلامك.
الأم: سأتركك الآن وأذهب لأدعو لك بالتوفيق النجاح..
رياض يسير على الطريق مع مجموعة من أصدقائه ويقول: ما أجمل النسمات الباردة!
أحد الأصدقاء: انظر إلى جمال الزهور وهي تتمايل مع الهواء.
ثم قام بنزع بعض الزهور.
رياض زاجراًا صديقه: توقف يا إسماعيل.. هذا عمل غير حضاري.
إسماعيل مستغرباً: وما هو غير الحضاري؟ هذه وردة جميلة أريد الاحتفاظ بها!
صديق آخر بصوت هادئ: أنا لا أفعل ذلك أبداً.. هذه الورود وضعت لتزيين الطريق.. وهي ملك للناس جميعاً وليست ملكا لي ولا لك..
يقول رياض: حتى الشجر لا يجوز لنا أن ننزع ورقه منه أو نحفر علي جذوعه كما يفعل بعض الناس..
صديق آخر: كما يجب أن نحافظ على كل شيء على الطريق مثل الأضواء والأرصفة والحشائش.
يجيبه رياض: نعم.. هذا كلام صحيح.. أذكر أننا كنا في حديقة عامة نشوي لحما، ولم يضع أبي ناقلة الفحم على الحشائش، بل وضعها على الجانب المرصوف.
قاسم موافقاً على كلام رياض: هذا فعل صحيح ومشكور.. فالفحم يحرق الحشائش.. تصوروا لو كل واحد من زوار الحديقة يحرق مساحة بسيطة من الحشائش؟
جاسم وهو يضحك: ستصبح الحديقة قطعة سوداء..
رياض: صدقت يا جاسم.. لذا علينا أن نحافظ على كل ممتلكات الدولة.. فهي بالأصل ملك كل واحد منا.
أحد الأصدقاء: ماذا تقصد يا رياض بأنها ملك كل واحد منا؟
جاسم: أوضح لنا يا رياض!
رياض: الدولة تصرف أموالاً طائلة لتجمل بلادنا.. وهي تفعل ذلك من أجل الناس.. فهي إذاً ملكنا وعلينا المحافظة عليها..
يصعد رياض وأصدقاؤه الباص فيرون أحد الأطفال يمزق مقعداً من المقاعد..
رياض: ماذا يفعل هذا الصبي؟ علينا إخبار السائق..
لكن الصبي يخرج فور وقوف الباص في المحطة.
رياض: ما فعله هذا الصبي خطأ كبير ؟
أحد الأصدقاء مستنكراً وبصوت غاضب مشيراً إلى جانب آخر: انظروا إلى هذه الكتابات على ظهر الكرسي.
جاسم: إنهم يغضبون الله بهذا الفعل.. لماذا لا يفعلون هذا في ممتلكاتهم؟ فهذه ممتلكات عامة ولا يحق لأحد أن يتلفها.
يسمعهم رجل كبير في السن يجلس خلفهم فيقول لهم: صدقتم يا أولادي.. ما أجملكم وما أجمل كلامكم.. لقد سمعت حواركم الطيب.. اعلموا أنّ الدنيا بألف خير.. وأن هناك كثيراً من الأطفال مثلكم يحبون أوطانهم ويحافظون عليها.. بارك الله بكم وبهم..
ثم يسألهم: لماذا لا تساعدوا غيركم وتعلموهم الحفاظ على الممتلكات العامة بنشر توعية بذلك..
يشكر الأصدقاء الرجل.. ويقرروا أن يطبعوا نشرة صغيرة يوزعونها في مدرستهم تتكلم عن أهمية الحفاظ على الممتلكات العامة.
يلتقي رياض أصدقاءه في ساحة المدرسة: السلام عليكم..
الأصدقاء: وعليكم السلام.. أين كنت يا رياض؟
كان رياض يحمل كتاباً وأوراقاً يقرأ فيها: كنت استمع إلى الإذاعة في مطعم المدرسة.. جذبني حديث عن حب الآخرين ومساعدتهم.. وقد كتبت كثيراً مما قاله مقدم البرنامج.
فواز: رائع.. جميل ما سمعت.. أخبرنا عن بعضه..
رياض وهو منشرح الصدر مبتسم: من أجمل ما سمعت وكتبت يا فوّاز "أنّ حب الناس فضيلة والإحسان إليهم خلق عالٍ والإساءة لهم طغيان وظلم".
جاسم الأكبر سناً يرفع إصبعه مصدقاً ومشدداً: الله.. ما أطيب هذا الكلام.. صحيح يا أصدقائي فمساعدة الناس عمل راقٍ وحضاري.. فما رأيك يا أسامة؟
أسامة وهو الرياضي بين المجموعة: أنا أحب الناس كلهم.. وعلى رأسهم أسرتي وأقاربي وأصدقائي.. وكل معارفي..
الطفل الأصغر بينهم طلال يقول: زدنا علماً يا رياض..
فيقول رياض: ما أجملك يا طلال، أنت تبحث دائماً عن الفضائل والمعارف.. هنالك يا طلال أمثلة كثيرة ذكرها المتحدث عن فضل مساعدة الآخرين..
طلال متلهفاً: قل لنا واحدة منها.. ثم استدرك قائلاً: أقصد واحدة على الأقل.. ثم يضحك..
قال رياض: سمعت المذيع يقول بصوته الجميل "إنّ خدمة الناس مظهر من مظاهر الحكمة والاتزان، فبعد أن يتمتع الإنسان بالصفات التي تكسبه الحكمة والنضج، تظهر على سلوكه وتصرفاته فوائد عديدة؛ منها مساعدة الناس وخدمتهم، وعادة ينال هؤلاء درجات رفيعة"..
يقول قاسم وقد أعجبه كثيراً ما نقله رياض عن المذيع: اسمعوا يا أصدقاء.. لقد قرأت منذ فترة كلمة رائعة.. وكتبتها في كراستي.. اسمعوا سأقرها عليكم.. يفتح قاسم كراسته ويقول: الناس في الغالب ينسون ما تقول، وفي الغالب ينسون ما تفعل، لكنهم لن ينسوا أبداً الشعور الذي أصابهم من قِبلك.
هنا يقول أسامة: وأنا أيضاً قرأت حديثاً عني النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، ولأن أمشي مع إخ في حاجة أحب إليّ من أن اعتكف في هذا المسجد – يعني مسجد المدينه – شهراً، ومن مشى مع أخيه في حاجه حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام).
جميع الأصدقاء بصوت واحد: الله..
رياض: صدق رسول الله.. ما أعذب هذا الكلام وأحسنه.. فليكن شعارنا من اليوم فصاعداً: (ساعد الناس يا صاحب الإحساس).. موافقون..
الجميع: نعم.. موافقون..
يخرج رياض من المدرسة ومعه الأصدقاء ويبدو عليهم التعب..
يقول رياض: الحمد لله.. مرت الامتحانات على خير.
طلال: خلصنا منها ومن وجع الرأس وبدأت عطلة الربيع للمرح والسرور.
جاسم يفكر ورياض يكلمه: نعم يا طلال، ما أحلى عطلة الربيع.. أليس كذلك يا جاسم؟
جاسم: نعم.. ولكن العطلة ليست فقط للعب والمرح.
أسامة وتبدو عليه الدهشة وقد توقف عن السير وتأخر عن أصدقائه: ماذا تقصد يا جاسم؟
جاسم: بالنسبة لي سأقسم أوقاتي ما بين التسلية والعلم والرحلات وزيارة الأهل والأصدقاء.
رياض مبتسماً: معك حق يا جاسم.. نعم القسمة هذه.. لكن هل تشرح لنا خطتك؟
جاسم: أولاً قررت أن أراجع دروسي كلها من بداية العام حتى العطلة، وسأخصص لهذا العمل كل يوم ساعتين.. وفي باقي الوقت ألعب وأمرح وأتعلم علوماً عامة.. دون أن أنسى ممارسة الرياضة…
رياض: أفكار عظيمة.. لكني أظن أن التطبيق صعب.. كيف ستجمع بين كل ذلك؟
جاسم: أولاً اشتركت في معهد للمراجعة قريب من بيتي.. كما أني مشترك سابقاً في ناد رياضي..
رياض: مراجعة ماذا؟
جاسم: هذا المعهد يراجع كل دروس الفصل الماضي.. حتى لا أنساه وأدخل الفصل الثاني بقوة
طلال: صحيح كلامك يا جاسم.. أنا عندي مشكلة بالرياضيات هل يساعدونني بالمعهد.
جاسم: بالتأكيد.
الأصدقاء حول جاسم.. طلال ورياض: حسناً يا جاسم.. نريد أن نشترك معك بالمعهد.. فنحن قريبون من بيتك..
جاسم: شيء رائع.. هكذا نتنافس ونتعلم ونتسلى أكثر.
رياض: نعم.. لكن هل يقبلوننا في النادي أيضاً؟
جاسم: لا تقلق يا رياض.. أبي يعرف مدير النادي.. سيكلمه من أجلكم.
جاسم والاصدقاء يذهبون إلى النادي لممارسة الرياضة…
طلال: ما أجملها من عطلة.. تسلية وعلم.. دراسة وفرح.. ورياضة…
اسامة: هكذا نقضي أجمل الأوقات فيما ينفع..
جاسم: نسأل الله تعالى أن تكون أوقاتنا كلها نافعة في مستقبل حياتنا..