ريستون.. أكبر مدينة مخططة في ولاية فرجينيا الأميركية أسسها رجل في سن الـ95
في ثلاثينات القرن الماضي، في مجال الفن المعماري في الولايات المتحدة، ظهر النمط العالمي، «إنترناشونال ستايل»، على ضوء معرض دولي، في سنة 1932، في نيويورك، ركز على تحديث فن المعمار. وتوجد في الولايات المتحدة عدة أنواع: أولا: مدن نموذجية تعليمية. مثل «ماديسون»، حيث جامعة ويسكونسن. ثانيا: مدن نموذجية حكومية. مثل «لوس الموس» في ولاية نيومكسيكو، حيث أنتجت أول قنبلة نووية (كان الهدف هو جمع العلماء في مكان واحد بعيدا عن أعين الجواسيس). ثالثا: مدن نموذجية ترفيهية. مثل منتجع سكوتسديل في ولاية أريزونا. رابعا: مدن نموذجية للسكن المختلط، والقصد هنا هو الخلط بين السكن والعمل والترفية. من بين هذا النوع الأخير، توجد في منطقة واشنطن العاصمة اثنتان: أولا: كولومبيا (في ولاية ماريلاند). ثانيا: ريستون (في ولاية فرجينيا). وجاءت منطقة ريستون، التي تقع على مساحة سبعة ألاف أيكر، فدان تقريبا، أو نصف مساحة جزيرة «مانهاتان»، قلب مدينة نيويورك، نموذجا مطابقا للشعار الذي أطلق عليها وهو «سكن، عمل، ترفيه، مشاركة»، لكنها مدينة شابة، أو ناشئة، لم تأتي من فكر شاب، بل هي فكرة وتأسيس رجل هو في سن 95 عاما الآن. أما عن المدينة وطبيعتها كولمبيا فتقول السيدة روبين سمايرز، رئيسة اتحاد ريستون، لـ«للشرق الأوسط :««نحن نرحب بالجميع. وخططنا للجمع بين الخصوصية والمشاركة. بين أن يعيش ساكن ريستون في هدوء، وأن يشارك الآخرين في مختلف النشاطات». وتضيف روبين، «خططنا لتكون المنازل والعمارات السكنية قريبة من العمارات المكتبية، ليقدر الناس على المشي إلى أماكن العمل، أو بالحافلات، أو بعجلات، أو قيادة السيارات إلى مسافات قصيرة. وخططنا لنشر المنتزهات والحدائق وسط المناطق السكنية. وأكثرنا من الأشجار والورود ليس فقط في المناطق السكنية، ولكن، أيضا، وسط المناطق المكتبية. ثم إن هناك المشاركة، ليس فقط لجمع السكان للتعارف والتعاون، ولكن، أيضا، لإشراكهم في إدارة هذه المدينة النموذجية». وهي نموذجية بالفعل من حيث تناسقها، وهدوئها، فأفضل وصف لتلك المنطقة أنها مدينة عمل واستمتاع، حيث تجد المراكز التجارية، والمطاعم، والمقاهي تحت جميع المباني المنتشرة في مركز ريستون، ويحيط بكل ذلك مواقف خاصة بالسيارات لتتسع بالزوار، علما أن جميع المباني السكانية تشتمل على مواقف خاصة بالسيارات، ومسابح، ومراكز رياضية تخدم سكان كل عمارة. وتشتمل المدينة على مساحة 1350 أيكر مساحات خضراء. و15 موقعا مخصصا للشواء، ناهيك عن إدارة متكاملة لعملية التشجير، والحرص عليها. كما يوجد في المدينة قسم خاص بالتصميم، مهمته سن القوانين الخاصة بالبناء من أجل الحفاظ على التصميم المعماري للمدينة، وكذلك تقديم النصائح، والمتابعة من أجل الحفاظ على مظهر يجعل المدينة دائما محفزة للآخرين لكي يأتوا ويستثمروا فيها، وكذلك من أجل الحفاظ على القيمة الخاصة بالعقار، ومكانة المدينة عموما، مع الحفاظ على البيئة والهدوء. ويأتي الهدف من بناء تلك المدينة التي تطورت في خلال عشر سنوات بشكل مذهل، حيث كانت مناطق فضاء، عدا بعض المحلات التجارية، وبحسب روبين سمايرز، هو من أجل «توفير مكان متطور، وهادئ في الوقت نفسه، حيث يستطيع المرء السير حول بحيرة، ويسمع ضحكات الأطفال من حوض السباحة، ويستطيع لعب تنس مع صديق، وبإمكانه أن يقابل جار يتبادل معه الحديث عن الطقس والأولاد والبنات». وتقول روبين، «كل شيء في هدوء. فنحن نحترم كينونة ساكن ريستون احتراما كبيرا. ونحترم فرديته». وما يميز المنطقة أنها صممت بطريقة تجعل المرء يستمتع بالسير على الأقدام، دون اللجوء للسيارات، فهناك سيارات الشرطة المنتشرة طوال أيام الأسبوع، وهناك أمن خاص بالمنطقة على مدار الساعة، من خلال نوبات عمل موزعة، ويرتدون زيا خاصة، ويتحركون بعجلات، أو سيارات مشابهة لسيارة الغولف، لضمان هدوء المنطقة، وعدم تعرض أحد لأحد. أما إدارة ريستون فتقول روبين، إنه «يديرها اتحاد يتكون من تسعة أعضاء، ينتخبهم سكان ريستون، وكلهم متطوعون. غير أن الأعمال المكتبية يقوم بها ثمانون موظفا تقريبا، ويشرف عليهم المدير التنفيذي ملتون ماثيو. ويجتمع المجلس مرة كل شهر، ماعدا أغسطس، حيث الإجازة الصيفية. وكل اجتماعاتنا مفتوحة وعلنية، وتذيعها قناة التلفزيون المحلية. ونحن نرحب بالذين يريدون حضور الاجتماعات». وتشرح روبين لـ«الشرق الأوسط» مفهوم المؤسسة قائلة، إنه «يوجد في ريستون خمسة وخمسون ميلا من الطرق الخضراء ليمش عليها الناس ويتنزهون. وفيها ست بحيرات، وخمسة عشر مسبحا، وأربعة وثمانون ميدان تنس، وثلاث مدارس أولية، ومدارس متوسطة، ومدارس عليا» لخدمة سكانها، وهي المدينة التي تتذكرها روبين قبل ثلاثين عاما، بحسب ما تقوله في الموقع المخصص لكل ما له علاقة بالمدينة «بإشارة مرور واحدة». وتضيف روبين لـ«الشرق الأوسط» أنه يوجد اليوم في ريستون «مئات من الشركات والمؤسسات، وأماكن العمل. وبسبب قرب كثير من الناس من أماكن أعمالهم، يتوفر لبعضهم وقت إضافي للعمل التطوعي: نظافة الأماكن العامة، مساعدة العجزة، المحافظة على البيئة، زراعة الخضروات في قطع صغيرة خلال الصيف». وفي المدينة بالطبع مستشفى ضخم يخدم سكان المنطقة، وهو مستشفى متطور، وخدمات الطوارئ فيه على مدار الأربعة وعشرين ساعة. علما أن عدد سكان ريستون، وفقا للسيدة روبين، هو ستون ألف شخص تقريبا، ومتوسط عمر الفرد ستة وثلاثون سنة، حيث تقول روبين، إن ذلك «يوضح أن ريستون منطقة سكنية للعمل والسكن، حيث يبلغ متوسط دخل العائلة فيها ثمانية آلاف دولار في الشهر تقريبا. وهو، تقريبا، ضعف دخل العائلة في ولاية فرجينيا. ويبلغ متوسط دخل الفرد خمسة آلاف دولار في الشهر، وهو، تقريبا، ضعف دخل الفرد في الولاية. ويبلغ متوسط قيمة المنزل أكثر من نصف مليون دولار، وهو، تقريبا، ضعف قيمة المنزل في ولاية فرجينيا أيضا». وتقع ريستون خارج العاصمة واشنطن، وبالقرب من مطار دالس الدولي، وفيها كثير من الأعراق والأجناس، حيث تقول روبين سمايرز، رئيسة اتحاد ريستون، لـ«للشرق الأوسط :« إن «سبعين في المائة من سكان ريستون بيض، وعشرة في المائة لاتينيون، وتسعة في المائة سود. وتنقسم العشرة في المائة الباقية إلى أسيويين وهنود حمر وأعراق أخرى». لكن المترجل في المنطقة لا يلحظ أي فروق في السكن أو المظهر، وذلك نظرا لتطور مصادر الدخل، والتعليم للأفراد هناك، مما يظهر سحنات مختلفة، ولكن المظهر الاجتماعي المتطور واحد. وعن طريقة تعايشهم تقول روبين، لـ«الشرق الأوسط» إنه «عندما أسس روبرت سايمون مدينة ريستون، قال إنها للتعددية، وهكذا كانت، ولا تزال، وستظل. وقال، إن الهدف أن يعيش الناس في سلام وهدوء، رغم اختلاف مستوياتهم التعليمية والاجتماعية، ورغم انتماءاتهم الوطنية والدينية والعرقية». وتضيف روبين، أن ريستون «تقيم مهرجانات، خاصة في فصل الصيف، لزيادة التقارب والمشاركة». وبالطبع فإن وجود مثل هذه المجموعة من البشر لا بد وأن يكون له تأثير على المرور، والتلوث، والبيئة، وعن ذلك تقول روبين، «مع التنمية يأتي الازدحام وزيادة الحركة، لكننا نشجع الناس ليمشوا، أو يستعملوا دراجات، وأن يقللوا الاعتماد على السيارات». ولذا يلحظ الزائر الطريقة المنظمة، والمميزة للمارة، التي تشجعهم على السير، كما يلحظ كثرة الشارات، التي توجب على سائقي السيارات كثرة التوقف واحترام حقوق المارة، مع تشدد في تحديد السرعة في المنطقة، مما يجعل قادة السيارات يؤثرون السير على الأقدام بدلا من القيادة في منطقة لا ترحب بكل أنظمتها، وتصميمها بإزعاج السيارات. وبالنسبة لما يتعلق بالبيئة فتقول روبين لـ«الشرق الأوسط» «نعمل الآن في مشروع لنظافة مجاري المياه من الأوساخ الصناعية والبشرية، يبلغ طولها ثلاثين ميلا، وفي هذا المجال، تعتبر ريستون رائدة في ولاية فرجينيا». وقد تحولت ريستون إلى نموذج ملهم لكثير من المدن غير الأميركية، حيث يقول روبين لـ«الشرق الأوسط» إن «زوارا كثيرين يأتون للاطلاع على المدينة، سواء من ناحية الهدف، أو الإدارة، أو الحياة اليومية، أو مجالات التخطيط». ويوجد في ريستون مركز (ليك آن) لعقد مثل هذه اللقاءات حيث يقول روبين، بدورنا «نرحب بالزوار من أي مكان لتبادل الخبرات والمنافع». مؤسس ريستون: وعن هذه المدينة الفتية التي تعد نموذجا لخلق المدن الحديثة، حيث فك الاختناق عن المناطق المركزية، وخلق وظائف جديدة، وتوفير بيئة حياة وعمل وترفيه نموذجية، خصوصا وأنها تشتمل على ما يفوق الخمسين متجرا، وأكثر من 30 مطعما، ودار سينما بحجم 13 شاشة عرض، ووجود فندق حياة ريجنسي في قلبها، يقول مؤسسها روبرت سايمون، وهو في سن الـ95 لـ«الشرق الأوسط»: «في سنة 1961، اشتريت قرابة سبعة آلاف أيكر (فدان تقريبا) في منطقة ريستون الحالية. وكان منطقيا أن أخطط لهذه القطعة العملاقة لتكون منطقة سكنية، لأن مساحتها تساوي نصف مساحة جزيرة «مانهاتان»، قلب مدينة نيويورك». ويضيف مؤسس ريستون لـ«الشرق الأوسط»، «خططت من أجل أن تتسع المنطقة لثمانين ألف شخص، وتتقسم إلى سبعة قرى، ووسط مدينة، وكذلك مناطق ترفيهية، ومراكز ثقافية أيضا». وعن سبب تسميتها بالاسم الحالي (ريستون) يقول روبرت سايمون لـ«الشرق الأوسط»: «سميتها ريستون حسب الأحرف الأولى من اسمي: روبرت، ايه، سايمون (أر أي اس)، ثم أضفت «تون» من «تاون»، وتعني «مدينة». ويقول مؤسس ريستون، الذي نشأ وترعرع فيها، وحولها إلى مدينته التي كان يحلم بها، باعتزاز «أريد أن تستمر ريستون وتنهض، وأن تكون قدوة لمدن أخرى، ليس فقط داخل أميركا، ولكن، أيضا، خارجها، ونحن نرحب بالذين يريدون الاستفادة من تجربتنا». ولم يكتف مؤسس المدينة النموذجية بالترحيب بمن يريدون اكتساب الخبرة، والشروع بإنشاء مدن حديثة على غرار مدينته ريستون بل إنه يقول لـ«الشرق الأوسط»، «عندي بعض النصائح للذين يريدون الاستفادة من تجربتنا». ويفصل سايمون نصائحه لـ«الشرق الأوسط» من أجل بناء مدن نموذجية مميزة بالشكل التالي: «أولا: فصل الناس عن السيارات، واستعمال كباري وممرات لتحاشي خلط الناس بالسيارات. ثانيا: تقريب سكن الناس من أماكن أعمالهم، لأن هذا يوفر الوقت ويقلل من مشكلات الانتقال بين المكتب والبيت. ثالثا: كثرة المنتزهات والحدائق. وفي هذه الناحية، أنا معجب بباريس. رابعا: ميادين للألعاب التي يشترك فيها كثير من الناس رغم اختلاف خلفياتهم وثقافاتهم، مثل كرة القدم العالمية، لا كرة القدم الأميركية». |
الله يبيحه مآ . أبي منه / تبريـر
واللي معه قصّرت . و إلا جرحته ؟
أبيه يسامحني . على كلّ . تقصير