تخطى إلى المحتوى

نماذج مشرفة من العلماء المعاصرين ( متجدد )

  • بواسطة

الدكتور على مصطفى مشرفة ( أينشتين العرب )

ولد الدكتور علي مشرفة في دمياط في 22 صفر 1316 الموافق 11 يوليه 1898، والده هو السيد "مصطفى عطية مشرفة" من مشايخ الدين ومن مدرسة الإمام جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده.
في عام 1907 حصل "علي" على الشهادة الابتدائية، وكان ترتيبه الأول على القطر.. إلا أن والده توفي في نفس العام تاركًا عليًّا الذي لم يتجاوز الاثنى عشر ربيعًا ربًّا لأسرته المكونة من أمه وإخوته الأربعة..

حفظ عليٌّ القرآن الكريم منذ الصغر، كما كان يحفظ الصحيح من الأحاديث النبوية.. كان محافظًا على صلاته مقيمًا لشعائر دينه .

في عام 1914 التحق الدكتور علي مشرفة بمدرسة المعلمين العليا، التي اختارها حسب رغبته رغم مجموعه العالي في البكالوريا. وفي عام 1917 اختير لبعثة علمية لأول مرة إلى إنجلترا بعد تخرجه.. التحق "علي" بكلية نوتنجهام Nottingham ثم بكلية "الملك" بلندن؛ حيث حصل منها على بكالوريوس علوم مع مرتبة الشرف في عام 1923. ثم حصل على شهادة Ph.D (دكتوراة الفلسفة) من جامعة لندن في أقصر مدة تسمح بها قوانين الجامعة.

وقد رجع إلى مصر بأمر من الوزارة، وعين مدرسًا بمدرسة المعلمين العليا.. إلا أنه وفي أول فرصة سنحت له، سافر ثانية إلى إنجلترا، وحصل على درجة دكتوراة العلوم D.Sc فكان بذلك أول مصري يحصل عليها.
في عام 1925 رجع إلى مصر، وعين أستاذًا للرياضة التطبيقية بكلية العلوم بجامعة القاهرة، ثم مُنح درجة "أستاذ" في عام 1926 رغم اعتراض قانون الجامعة على منح اللقب لمن هو أدنى من الثلاثين.

اعتمد الدكتور "علي" عميدًا للكلية في عام 1936 وانتخب للعمادة أربع مرات متتاليات، كما انتخب في ديسمبر 1945 وكيلاً للجامعة.

بدأت أبحاث الدكتور "علي مشرفة" تأخذ مكانها في الدوريات العلمية وعمره لم يتجاوز خمسة عشر عامًا.

في الجامعة الملكية بلندن King’s College، نشر له أول خمسة أبحاث حول النظرية الكمية التي نال من أجلها درجتي Ph.D ( دكتوراه الفلسفة) و Dsc.(دكتوراة العلوم).
دارت أبحاث الدكتور مشرفة حول تطبيقه الشروط الكمية بصورة معدلة تسمح بإيجاد تفسير لظاهرتي شتارك وزيمان.
كذلك.. كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ؛ حيث كانت هندسة الفراغ المبنية على نظرية "أينشين" تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية.
ولقد أضاف نظريات جديدة في تفسير الإشعاع الصادر من الشمس؛ إلا أن نظرية الدكتور مشرفة في الإشعاع والسرعة عدت من أهم نظرياته وسببًا في شهرته وعالميته؛ حيث أثبت الدكتور مشرفة أن المادة إشعاع في أصلها، ويمكن اعتبارهما صورتين لشيء واحد يتحول إحداهما للآخر.. ولقد مهدت هذه النظرية العالم ليحول المواد الذرية إلى إشعاعات.
كان الدكتور "علي" أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب.. بل كان أول من أضاف فكرة جديدة وهي أن الأيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه القنبلة.. إلا أنه لم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الأيدروجينية ، وهو ما حدث بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة وروسيا..
تقدر أبحاث الدكتور "علي مشرفة" المتميزة في نظريات الكم، الذرة والإشعاع، الميكانيكا والديناميكا بنحو خمسة عشر بحثًا.
"خير للكلية أن تخرج عالمًا واحدًا كاملاً.. من أن تخرج كثيرين أنصاف علماء" هكذا كان يؤمن الدكتور مشرفة، وكان كفاحه المتواصل من أجل خلق روح علمية خيرة..
يقول في سلسلة محاضراته الإذاعية(أحاديث العلماء): "هذه العقلية العلمية تعوزنا اليوم في معالجة كثير من أمورنا، وإنما تكمن الصعوبة في اكتسابها والدرج عليها.. فالعقلية العلمية تتميز بشيئين أساسيين: الخبرة المباشرة، والتفكير المنطقي الصحيح" ولقد نادى بأفكاره هذه في كثير من مقالاته ومحاضراته في الإذاعة: مثل: كيف يحل العالم مشكلة الفقر؟ – العلم والأخلاق – العلم والمال – العلم والاقتصاد – العلم والاجتماع..
وغيرها.
كان ينادي دائمًا أن على العلماء تبسيط كل جديد للمواطن العادي حتى يكون على إحاطة كاملة بما يحدث من تطور علمي.. يوجه كلامه إلى العلماء قائلاً:
"ومن الأمور التي تؤخذ على العلماء أنهم لا يحسنون صناعة الكلام؛ ذلك أنهم يتوخون عادة الدقة في التعبير ويفضلون أن يبتعدوا عن طرائق البديع والبيان، إلا أن العلوم إذا فهمت على حقيقتها ليست في حاجة إلى ثوب من زخرف القول ليكسبها رونقًا؛ فالعلوم لها سحرها، وقصة العلم قصة رائعة تأخذ بمجامع القلوب؛ لأنها قصة واقعية حوادثها ليست من نسج الخيال".
فبسط الدكتور مشرفة كتبًا عديدة منها: النظرية النسبية – الذرة والقنابل – نحن والعلم – العلم والحياة.
واهتم خاصة بمجال الذرة والإشعاع وكان يقول: "إن الحكومة التي تهمل دراسة الذرة إنما تهمل الدفاع عن وطنها".
ثقافتنا في نظر الدكتور مشرفة هي الثقافة الأصلية التي لا بد أن نقف عندها طويلاً. ويرى أنه لا يزدهر حاضر أمة تهمل دراسة ماضيها، وأنه لا بد من الوقوف عند نوابغ الإسلام والعرب، ونكون أدرى الناس بها.. فساهم بذلك في إحياء الكتب القديمة وإظهارها للقارئ العربي مثل: كتاب الخوارزمي في الجبر والفارابي في الطب والحسن ابن الهيثم في الرياضة.. وغيرها.
وكان الدكتور مشرفة ينظر إلى الأستاذية على أنها لا تقتصر على العلم فقط، وإنما توجب الاتصال بالحياة.. وأن الأستاذ يجب أن يكون ذا أثر فعال في توجيه الرأي العام في الأحداث الكبرى التي تمر بالبلاد، وأن يحافظ على حرية الرأي عند المواطنين، وآمن الدكتور مشرفة بأن "العلم في خدمة الإنسان دائمًا وأن خير وسيلة لاتقاء العدو أن تكون قادرًا على رده بمثله.. فالمقدرة العلمية والفنية قد صارتا كل شيء.. ولو أن الألمان توصلوا إلى صنع القنبلة الذرية قبل الحلفاء لتغيرت نتيجة الحرب.. وهو تنوير علمي للأمة يعتمد عليه المواطن المدني والحربي معًا".
تمتعت كلية العلوم في عصره بشهرة عالمية واسعة؛ حيث عني عناية تامة بالبحث العلمي وإمكاناته، فوفر كل الفرص المتاحة للباحثين الشباب لإتمام بحوثهم.. ووصل به الاهتمام إلى مراسلة أعضاء البعثات الخارجية..
سمح لأول مرة بدخول الطلبة العرب الكلية؛ حيث كان يرى أن:
"القيود القومية والفواصل الجنسية ما هي إلا حبال الشيطان يبث بها العداوة والبغضاء بين القلوب المتآلفة".
أنشأ قسمًا للغة الإنجليزية والترجمة بالكلية.. كما حول الدراسة في الرياضة البحتية باللغة العربية.. صنف قاموسًا لمفردات الكلمات العلمية من الإنجليزية إلى العربية.
يقول المؤرخون: إن الدكتور مشرفة أرسى قواعد جامعية راقية.. حافظ فيها على استقلالها وأعطى للدرس حصانته وألغى الاستثناءات بكل صورها، وكان يقول: "إن مبدأ تكافؤ الفرص هو المقياس الدقيق الذي يرتضيه ضميري".
كان مشرفة حافظًا للشعر.. ملمًّا بقواعد اللغة العربية.. عضوًا بالمجمع المصري للثقافة العلمية باللغة العربية؛ حيث ترجم مباحث كثيرة إلى اللغة العربية.
كان يحرص على حضور المناقشات والمؤتمرات والمناظرات، وله مناظرة شهيرة مع د/ طه حسين حول: أيهما أنفع للمجتمع الآداب أم العلوم".
نشر للدكتور مشرفة ما يقرب من ثلاثين مقالاً منها: سياحة في فضاء العالمين – العلم والصوفية – اللغة العربية كأداة علمية – اصطدام حضارتين- مقام الإنسان في الكون..

شارك الدكتور علي في مشاريع مصرية عديدة تشجيعًا للصناعات الوطنية.. كما شارك في إنشاء جماعة الطفولة المشردة.. كان أول من لقن من حوله دروسًا في آداب الحديث وإدارة الجلسات.

دُعيَ من قبل العالم الألماني الأصل ألبرت أينشتين للاشتراك في إلقاء أبحاث تتعلق بالذرة عام 1945 كأستاذ زائر لمدة عام، ولكنه اعتذر بقوله:

"في بلدي جيل يحتاج إلي"

وفاته:

توفى الدكتور "علي مصطفى مشرفة" عن عمر يناهز 52 عامًا.. يوم الإثنين الموافق 15 يناير 1950. بطريقة بدائية للغاية بالسم .

توقيع geology-teacher

 




مع تحيات أختكم geology teacher

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.